سلال: أنـا وإطارات الدولة نتقاضى رواتبنا.. وعلينا أداء واجبنا رغم كل شيء

التخصّص في بيع السيارات في الجزائر ممنوع والجميع مطالب باستثمار حقيقي



طالب الوزير الأول، عبد المالك سلال، إطارات الدولة بتأدية مهامهم على أحسن وجه والقضاء على البيروقراطية، خاصة على مستوى البنوك، وتسهيل إجراءات منح القروض لفائدة المستثمرين، كما قال بصريح العبارة: «كلنا نتقاضى أجورا ويجب علينا أداء مهامنا رغما عنا ». وأكد سلال لدى ترؤسه أشغال لقاء الثلاثية المنعقد الخميس الماضي بإقامة الميثاق، أن الجزائر تمر بمرحلة اقتصادية انتقالية وتتوفر على فائض مالي في البنوك، وهي مرحلة تستدعي تعزيز الاستثمارات الصناعية للخروج من دائرة الاعتماد على البترول وعائداته، واستغلال العقار الصناعي، خاصة وأن آخر الإحصائيات المتوفرة تشير إلى وجود نسبة تتراوح بين 30 و35 من المائة من هذا العقار غير مستغلة. ودعا سلال مقابل ذلك المتعاملين الاقتصاديين إلى تحسين إنتاجهم كمًّا ونوعا، والعمل على تطوير الاقتصاد الصناعي الذي يتطلب – حسبه - الاعتماد على الاقتصاد الداخلي، مضيفا في هذا الشأن بالقول: «إن الدولة مستعدة لدعم المتعامل المصدر وليس المستورد، كون هذا الأخير أغرق السوق الوطنية بالمنتوجات الصينية ذات النوعية الرديئة، وعمل على تضخيم فواتير الواردات»، كما أضاف: «لست ضد المنتوج الصيني ولكني ضد المنتوجات الرديئة، وضد وكلاء السيارات المتخصصين في البيع فقط»، داعيا الوكلاء المتخصصين في بيع السيارات إلى ولوج عالم الاستثمار الحقيقي والتوقف عن استيراد الرداءة». واعترف الوزير الأول بوجود تهريب للأموال بالعملة الصعبة إلى الخارج عن طريق التصريح الكاذب من خلال القرض المستندي، معربا عن استيائه من لجوء متعاملين إلى استيراد حاويات بها رمال وحجارة من أجل تهريب أموال ضخمة، كما قال: «لا ولن نتخلى عن القرض المستندي وإنما سنقضي على البيروقراطية التي يعرفها هذا النوع من القروض، لكن هذا لا يمنعنا من تشديد الرقابة على كل منتوج يدخل الجزائر». وأعلن الوزير الأول خلال أشغال الثلاثية عن وضع خمس مجموعات عمل مكلفة بتحديد الإجراءات الكفيلة بتشجيع تطوير المؤسسة، حيث تتكفل المجموعة الأولى بإعداد العقد الاقتصادي والاجتماعي للنمو، في أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر، أما المجموعة الثانية فقد كلفت حسب الوزير الأول باقتراح كيفيات إسهام الصندوق الوطني للاستثمار في تمويل الاستثمار الوطني العمومي والخاص، فيما كلفت مجموعة ثالثة بتشجيع الانتاج الوطني بما فيه القرض الاستهلاكي بالنسبة للمنتوجات المحلية، في حين أسندت للمجموعة الرابعة مهمة تأطير أعمال التسيير، أما المجموعة الخامسة فقد كلّفت باقتراح كيفيات تسهيل تدخّل المؤسسات الوطنية للبناء والأشغال العمومية في إنجاز البرنامج الوطني للتجهيز. وأوضح سلال أن تصور الجزائر لاقتصاد السوق مختلف تماما عن الليبيرالية المطلقة، معتبرا أن التوازن ومتطلبات المردودية والتطلعات الاجتماعية تمثل أساس هذا الاقتصاد، مشيرا إلى أن رئيس الجمهورية طالما أكد أن تصورنا بعيد كل البعد عن الليبيرالية المطلقة التي هي مصدر الأزمات المتكررة التي تهز الاقتصاد العالمي وسبب إفلاس العديد من الدول، معتبرا أنه من الضروري أن يحرص الاقتصاد الجزائري على التوازن بين متطلبات الأداء والمردودية، ومقتضيات سياسة اجتماعية تهدف إلى تعزيز حقوق العمال والتخفيف من الفوارق. وأضاف أن إنجاح رهان تزويد البلد بصناعة عصرية ذات مستوى عال ليس ضربا من الخيال، معتبرا أن التأخير المسجل في القطاع الصناعي يسمح اليوم بتحقيق قفزة تكنولوجية معتبرة، مشيرا إلى أن تسويق منتوجات ذات قيمة تكنولوجية عالية، وقيمة مضافة كبيرة، كفيلة بأن تجعل من الصادرات الجزائرية «تنافسية»، كما أشار سلال إلى أنه من الوهم أن يؤسس بلد على غرار الجزائر تنافسيته على أساس تكاليف منخفضة لليد العاملة، أو للطاقة من خلال تصدير مقنع للمحروقات في شكل منتوجات ذات قيمة تكنولوجية، وقيمة مضاعفة، موضحا أن متانة هذا الاقتصاد ترجع أساسا إلى الوضعية المالية الجيدة للجزائر، التي تعدّ حاليا مقرضا صافيا للسوق المالية الدولية بديون عمومية شبه منعدمة، ونمو للناتج الداخلي الخام خارج المحروقات بنسبة 7.1 ٪، بالموازاة مع نمو إجمالي بنسبة 3.3 ٪ خلال 2012 وادخار عمومي معتبر يتراوح ما بين 40 و50 ٪ من الناتج الداخلي الخام. كما ذكر سلال أمام المشاركين في الثلاثية، بأن رئيس الجمهورية كلفه بتبليغهم رسالة مفادها أن الدولة من خلال الإنفاق العمومي قد زودت البلد بمنشآت تضاهي ما تمتلكه البلدان المتطورة. وأضاف يقول: «يتعيّن على المؤسسات العمومية والخاصة استغلال الفرص التي تتيحها هذه الطاقات من أجل توظيف جهودها على المدى المتوسط والطويل، مؤكدا أن السلطات العمومية ستكثف من جهودها من أجل إزالة كل العراقيل والعوائق التي تحول دون تحقيق المشاريع الاستثمارية»، كما تطرّق الوزير الأول إلى دور المؤسسات العمومية في جهود التنمية من خلال الاستثمارات الثقيلة التي سمحت بتسجيل نمو نسبته 10.8 ٪ في قيمتها المضافة خلال الأشهر الـ8 الأولى من سنة 2013 مقارنة بسنة 2012. ودعا الوزير الأول المؤسسات العمومية إلى إقامة شراكات مع المؤسسات الرائدة في مجالات تخصصها، مؤكدا استعداد الدولة لمساعدتها في تجسيد هذا الهدف وتوسيع هامش تحركها والاستقلالية مع توفير تأمين كبير للإطارات، قائلا: «سنسهر بشدة على تأمين الإطارات لكنني أنتظر منهم، في إطار ثقة متبادلة، مساهمة أكبر وتجنّدا بهدف المشاركة في إنعاش القطاع الصناعي الوطني». وتأسف الوزير الأول قائلا: «من غير المعقول تحديد دور المؤسسة الخاصة وتكليفها بنشاطات محددة مسبقا أو تحديد رأس المال الذي تريد التزود به». وبخصوص الاقتصاد الموازي، أكد الوزير الأول استحالة القضاء عليه، وقال: «القضاء على السوق الموازية في الجزائر كذب في كذب».